منتديات الشهيد القائد وائل رياحي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


موقع يهتم بشهداء مخيم بلاطه وحركة فتح
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حمود درويش أو قمر تلألأ في أيادي نساء الشام.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو جهاد
اداري
اداري
ابو جهاد


ذكر عدد الرسائل : 156
العمر : 32
البلد : فلسطين
المهنة : مصمم
تاريخ التسجيل : 28/02/2007

البطاقة الشخصية
نقاط تميز العضو: 21
عدد الاوسمة: 5

حمود درويش أو قمر تلألأ في أيادي نساء الشام. Empty
مُساهمةموضوع: حمود درويش أو قمر تلألأ في أيادي نساء الشام.   حمود درويش أو قمر تلألأ في أيادي نساء الشام. I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 13, 2008 10:23 am

محمود درويش أو قمر تلألأ في أيادي نساء الشام...

هو ابن الساحلِ السوري وصدى كل الهلال الخصيب وأعالى العروبة والعرب، ابن البدايات التي صَعدتْ بنا وتَصعدتْ نحو النصر بالكلمات، فانتصرنا على يدي ملك ترك لنا الكلام أفاقاً ستبقى إلى أبد، ملكٌ عصف بالسقم الذي فينا وحول الكلام لجيش من الروح الناهضة التي تأخذ في طريقها كل شيء، كل شيء، وأعادنا لأنفسنا سالمين مع جروح بليغة في الوعي، كانت شرطا لاستعادة وعينا المنشود. ملكٌ أرسل النصوص في أربعة ارجاء وجودنا كي تستعيدنا من الخيبة والانكسار، وكانت مزودة بوصية واحدة فقط: يعودون قتلى ويعلنُ عن موتهم أو غانمين قادمين ربحوا معركتهم ضد شوائبهم ليذهبوا في الطريق الشاق نحو الفوز بحروبهم ضد أعدائهم محمولين على أمر واحد فقط: أن يكون اندحارُهم الوحيد وتنازلهم الأخير هو النصر لا غير، فطوبا.
.. محمود درويش صاحب الجسد الرقيق المليء بالحزم والنزق في تفاصيله وثناياه، لطالما بدى كروحٍ تقوم في جغرافيا شكلها الضباب والصوان لتوهما واستراحا قليلاً في أرجائه الحادة، قبل أن يتعهدهُ الغمامُ ويذهبَ به في النشيدِ ليروي ويقول ويَشهد وُيدينُ ويَستولدُ ويَرفعُ ويَكشفُ ويُميطُ الحرير عن البسيطِ، ويَصعدُ وَيهوي بنا بجمال قاسٍ، ويُعرينا كي يؤثث روحنا وكبدنا ووجدنا بالقيامة من جديد، ويمشي فينا إلى هناك، الى حيث يجب ويتعين ولا يفترض...!!

* * *

... على قلق اليقين نام، و"كآن كل الريح تحته"، وكان يصحو على نص لا يعود له ما أن يقوله، نصٌ ينتظم دون عناء في صيرورة إعادة تشكيل الوعي وإعماره وهندسة الروح والمعاني والأزمنة والجمال والذائقة والثقة، وتوليد القوة والقدرة من العذاب "من نفس العذاب" والخيبة والانكسار والوعد، لا، لم يشهد تاريخ قولنا المعاصر نصوصاً معمارية مثلما هي نصوص درويش.
غير ان قائد جبهة الكلمات قد سقط في واد المقاومة العظيم مدرجا بالمعاني، لقد كان مقاومة بأكملها ترامت بين ثنايا شخص واحد، وكان "صموداً بوجه العارِ والحاضرِ وما لا يمكن إغتفاره"، ومُبشراً بالدروب الجديدةِ، وبينما يذهب الصوت بعيداً بعيدا فقد بقيت فيالق الصدى تملأ الأفق، وكان يتعين عليه أن يموت بتواطؤ الابهر في قلبه، القلب أعظم الخونة في التاريخ والذي تتحدد عظمته بخيانته، وما كان لعاشق أن يفني بدون أن يسقط قلبه صفحة تلو صفحة، وجبهة تلو أخرى.

...مات درويش بعد أن رسم للشعر سقفاً عالياً وشفافاً سقط دونه كثيرون رمياً بالكلام، وبعد أن حولنا سبايا لنصوصَ تأخذنا في المدى، وفي إحدى معاركه الفاصلة أطاح بوجدان أعدائنا بفصيلة من الشعر حولتهم لـ "عابرين في كلام عابر"، وفي معركة أخرى خرج منتصراً بدمه بعد أن أطاح بسيف عدوه، ولم يحصل أن ترك الحصان وحيداً، لان جياده ظلت تنبثق في كل لحظة من ثنايا الكلمات، وكان القول يفر من جنباته ليعتلي الجياد، وفي الارض الاكثر مشقة "خاض الصراع بظفر".

وكان محمود درويش ملك النشيد العذب من نفس المرار، زرع حياتنا بالفواصل وبالحروف وبالقوافي واودعنا بعدتها، قوافي تكفي لانتصار "أمتين على شهواتها وعلى الغزاة"، وكان نصراً كامناً في وجه المآسي، ولطالما أخذنا من الركام إلى أفق مختلف، ومشى في ومع "الصاعدون الى حتفهم باسمين"، وصفى حسابه مع الراهن بقسوة الشعر، ومضى يحمل "أمسه" بنفسه لامتلاك "غده البعيد"، وحاصر القادمين بإغراء العودة إلى أهلهم "لان هناك ما يستحق عوداتهم" لأهل "ذهبوا مع العودة" فعاد الاهل بجروح بالغة، فكان أن صار "الطريق إلى البيت أجمل من البيت"، طريق كانت على عشرة طيبة مع التصدع والانكسار، سقط فيها على هيئة قتلى من لم يستطلعوا السير، أما الماجدين فكانوا عتاةً في البحث عن "الطريق إلى الطريق" وما لانت لهم قناة، غير أن درويش لم يسقط ولم تنكسر رؤيته لانه سار "مستسلمٌ لصواب قلبه" وواصل التمادي في جمالات الطريق حتى صار منها وفيها منارة ونبؤة ونشيداً وتعويضا ثمينا لمن كُسروا وما سقطوا، لقد كان عكس الكسيرة والانهيار، قاسٍ ورشيقا وهو يستولد من ثنايانا أفضل ما فينا لنواصل الطرقات الأجمل من نهاياتها بثمن الموت فيها إذا ما تطلب الامر ذلك.
* * *
... عاشق أفنى العمر في خرق القواعد حتى صار قتيلاً تبكي على حتفه الكلمات، جال في حيفا وحلب وبيروت وقرطاج وأندلس وشام وفي أرض المعاني المفتوحة على كل مصراع، وإستطاب المجد في أسوار بابل، إحتفت قصائدَهُ بالنصر قبل وصوله، وكان "شاعر الشعراء منذ رسائل المصري في الوادي" و "الاعلى من الشعراء شنقا وادناهم الى عشب يميل" وظل القلق يسلمه إلى يقين وبالعكس، وكان خريف العمر عنده يمشي على مهل ويمنح الفرص "يوم إضافي في الحياة لا بأس لاباس؟؟" إلى أن وضع يده بيد الموت ليقول لنا بحزم هادىء: صباح الغد لن نعثر على الشاعر، فلا قهوة لقتيل كان يعشق عليل البن في الفنجان، ولا شعر ولا ضجر ولا نزق...ولا صدف، أما اللقاءات التي لم تتسع لها الدنيا فقد قطرت نفسها إلى الحياة الأخرى وصار الموت هو ثمنها الوحيد.

...ولطالما "كان" يكره الفعل الماضي الناقص، بيد أنه كان: قلق بأكمله يتمدد في سرير فيفيض فجراً وقد ترتل في نشيد، نام على ألف أندلس وأكثر، واستفاق على حلب وأخرى ولم يعلن التوبات كي يريح ويستريح، وكان فوضى ينظمها الكلام، وامتلاك ساحر لا يستخدم اللمس إلا قليلاً، مُترعاً بشكوك اعتادت أن تسلمه لفيض السؤال، وكانت بسالة الجواب عنده تضعه على كتف يقين أصيل، وكان طريداً..يخرج سالماً من التباسات العروش، وإن لم يخرج سالماً أو لم يشأ أن يخرج سالماً من التباسات الجمال.

...وذات يوم طمأننا بأننا سنبني ودون شك "على حجر سنبني دولة العشاق"، ولما تسألناعن الحجر الصعب كي نضع عليه الدولة ونُنِزَلها من الفكرة والنص وكتف الحلم ونثبتها في الصخر، وصلنا توبيخة القاسي "لا حجر يقول لا ولكن يوجد رجال لا يعرفون كيف يطلبون"، وان الفكرة العالية لا يجب أن تنزلق إلا في حيز واحد، هو لياقة تعبيرها عن ذاتها.

...لم يأخذ في آخر الرحلات وأطولها إلا قصيدته الأخيرة التي لم يقلها بعد، ترى أين أبقاها أم أنها ذهبت لتؤنسه في طريق النهاية، طوبا لمن يذهبون إلى حتفهم وهم يحملون قصيدتهم أو ما تبقى..وذات مرة قال: لا يهم الموتى ماذا يقول الناس عنهم لأنهم ماتوا، فقلت له: ولكن الأحياء يتحدثون لأنفسهم من خلال موتاهم، كما أنه ليس لدينا سوى كلمات. لا، ليس هناك سوى الكلمات يلتقي فيها الأحياء والموتى، وها قد مت بعد أن استودعت المعنى أمانة لدى الكلمات؟؟؟؟؟.

* * *
...كتب المراثي كلها ولم يترك لنا من الكلمات ما نرثى به سوى ما قال "طوبا". ولكن اسمع آية الموت: لطالما كنت شهماً وقاسياً ونعرف أننا سنلقاك وتلقانا، غير انك تطوي ما تبقى من كبارنا في هزيع ممُض من زماننا، وكالعادة تفعل ذلك بلا هوادة أو رحمة وبلا وارثين، أنستحق كل هذه القسوة؟، ربما لا، نعم، مرتان، وقد وصلتنا رسالتك: ستتركنا في العراء كي نعيد ترتيب المعاني بالقوافي أو بلا، غير انك جدير بالامتنان أيها الموت لأنك لم تأخذ الكلمات والمعنى، وهذا ما سيعيد لنا درويش دائما وسيعدنا لأنفسنا كي نصبح غانمين بثمن الهول والوجع والانكسار ووعد النشيد، ويستحق الموت بعض الشكر لانه تأنى قليلا وتأخر قليلا، وعَدّلَ مواعيده إحتراما للقصيدة وحاجة النشيد الى الوجع، وتواطأ على تسلل المعنى من وراء كتفه، فطوبا لموت تواطأ فأجل نفسه ثم طواك.

أما أنت يا درويش فلم تخذلنا في عز حاجتنا إليك، لان الابطال دائما ما يذهبون عندما يحتاجهم الناس كما لم يحصل ان إحتاجوهم من قبل، ولكن يحق للقصائد والأيائل التي تركتها لذويك ان تعتب، وماذا سنقول للقمر الذي بين ايادي نساء الشام كي يهدأ ؟؟؟، ولمن تذهب الكلمات بحثا عن معانيها؟، واين سَيحطُ الغمام وروح القدس الى اجل مسمى؟؟، ولمن نسمي الخلافة ليأخذ البيعات منا عنوة بخاطرنا في قيادة الكلمات والمعنى، لمن؟؟؟؟، ومن سيعيدنا لبصيرة بعد فقدان البصر؟؟، ومن سَيحوّلُ موتنا لاغنية او نشيد؟؟، وكيف سنستولدُ الندى والاريج من صخر ومن بؤس ومن وجع ومن توق؟؟؟، وكيف تتركنا "في بطن ليل من حديد" تقطعنا الانكسارات ونقطعها ذهابا او ايابا نحو وعد مؤكد للنصر في ارض القصيدة ؟؟.

...لطالما أرهقتنا وسترهقنا يا رجل، ونحن نجمع المعنى من صدى الكلمات، وقد أتعبتنا بعدُ، ونحن نحاول العثور عليك "في قمر تلألأ في يد امرأة" بشام أو حيفا أو بيروت أو عمون أو قرطاج اواللازورد او بابل التى علت بك ملكا على اسوارها ليرسم للمحاصرين طريق خلاصهم، ويرد الغزاة على أعقابهم مثخنين بالكلمات، طوبا، أمّا من كان عنده محمود درويش فقد يُكسر أو يُحطم أو يُغيّبُ أو يَهون، بيد انه لن يعرف طعم الهزيمة أبداً.
* كاتب واستاذ جامعي من فلسطين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saraha.own0.com
 
حمود درويش أو قمر تلألأ في أيادي نساء الشام.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الشهيد القائد وائل رياحي :: القسم الرئيسي :: المنتدى السياسي-
انتقل الى: